اطلب الخدمة
مشاكل الترجمة السياسية
الترجمة لها العديد من الأنواع ومنها الترجمة السياسية، فالسياسة بحد ذاتها يمكن أن نقول عنها لغة. فهناك لغة سياسية خاصة تتناقل فيها المصطلحات والمفردات السياسية الخاصة. ولعل الناظر في طبيعة السياسة ومجالها يدرك إلى ضرورة ملازمتها للترجمة. بمعنى أن هذه الترجمة هي واقع مفروض له أهميته التي لا غنى عنها. وفي هذا المقال سنبدأ بتعريف الترجمة السياسية. ومن ثم ننتقل لأهم ما يدخل فيها وإلى العديد من الأمور الأخرى وصولاً للوقوف على أهم مشاكل الترجمة السياسية.... والآن لندخل في المقال.
لو سألت نفسك ما هي السياسة؟ فستجد أن ذهنك أخذك إلى مفهوم استراتيجي لمجموعة من العمليات المتداولة في إطار العلاقات بين الجماعات والدول، فيمكن القول بأن السياسة هي اجراءات تحكم مجموعة من الأمور الرسمية التي تحدد طبيعة العلاقات والاجراءات المتخذة من الدول أو الجماعات أو الكيانات التنظيمية المختلفة.
وأما الترجمة فمفهوما سهل مقارنة بالسياسة إذ أن الترجمة هي عبارة عن عملية نقل المعاني المكتوبة في نصوص بلغة معينة إلى لغة أخرى مع الاحتفاظ على هذه المعاني، وبالتالي يمكن القول بأن الترجمة السياسية هي عبارة عن عملية نقل المحتوى الخاص بالكتابات السياسية إلى محتوى ذو نفس المعاني ولكن باستخدام لغة أخرى، وقبل الدخول في عرض باقي فقرات هذا المقال لابد من نقاط هامة نضعها في فقرة التعريف هذه:
- هذا النوع من الترجمة له خصوصيته بالنسبة للمصطلحات المستخدمة فيه، فستجد أن المصطلحات المستخدمة غير متداولة بكثرة في الوسط الشعبي أو حتى العلمي، ولهذا لابد للمترجم السياسي أن يكون ملماً بمثل هذه المصطلحات الخاصة.
- هناك العديد من القوالب التي من الممكن أن تدخل فيها المضامين السياسية. وهذه القوالب هي المحتويات التي يمكن القيام بعملية الترجمة السياسية عليها. وسنأتي لذكرها في سياق فقرة قادمة من هذا المقال.
- أنظر للجامعات فستجد أن لها مجموعة من السياسات مثل سياسة البحث وسياسة الدراسة وغيرها، ولكن في الترجمة السياسية تكون هذه المحتويات مستثناة، لأن المقصود بالمضامين السياسية الداخلة في هذا النوع من الترجمة هي المضامين التي تتحدث عن السياسة الحاكمة وسياسة الدول والأحزاب وما إلى ذلك من أمور.
المقصود بقوالب الترجمة السياسية هي الهيكلية التي يمكن كتابة المضامين السياسية داخلها، فعملية الترجمة تشمل مجموعة من الهيكليات التي يمكن ترجمتها، وكل هيكل من هذه الهياكل له خصوصيته ومميزاته، ولهذا لابد للباحث أن يتعرف على هذه الهياكل قبل القيام بتنفيذ هذه الترجمة لها، وفيما يلي نعرض مجموعة هامة من هذه الهياكل مع إثبات وجود غيرها ولكن هذه هي أهمها:
- أولاً: الكتب السياسية: وهي عبارة كتب تتناول موضوعات سياسية. وفي ترجمة هذه الكتب سيجد الباحث زخم كبير من المعلومات. ولهذا يفضل الاعتماد على أسلوب التقسيم الفصلي في ترجمة هذه الكتب. ويقصد بالتقسيم الفصلي القيام بترجمة كل فصول من فصول الكتاب على حدة.
- ثانياً: الأبحاث السياسية: وهي أبحاث عادية مكونة من خطة البحث والإطار النظري والدراسات السابقة والفهارس والملاحق، ولكن تختص بالكتابة في السياسة، ولهذه الأبحاث خصوصية في الترجمة وفقاً للعناصر العامة المكونة للبحث.
- ثالثاً: المستندات والأوراق الدبلوماسية: وهي من أدق هياكل هذا النوع من الترجمة، إذ أن الخطأ فيه مرفوض لما قد يترتب على هذا الخطأ من مشاكل قد ترقى لتدمير العلاقات بين الدول، وهذه المستندات والأوراق الدبلوماسية قليلة الانتشار وغالباً ما تأخذ الطابع السري ولكنها مهمة جداً في مجال المعرفة السياسية.
- رابعاً: ما تنشره وسائل الاعلام: من الممكن الجمع بين الترجمة السياسية والإعلامية في آن وحد، وذلك بالقيام بترجمة المضامين السياسية التي تبثها وسائل الاعلام المختلفة سواء مقالات وتقارير وتحقيقات وأخبار على الصحف أو التلفاز أو غيرها من وسائل الإعلام.
- خامساً: المؤتمرات واللقاءات: وهي عبارة عن مجموعة من المتحدثين يتم ترجمة حديث كل متحدث على حدة، للوصول إلى ترجمة كامل مضمون المؤتمر أو اللقاء.
- سادساً: المذكرات السياسية: غالباً ما يقوم الشخص السياسي المتقاعد بكتابة مذكرات سياسية يعكس فيها تجربته السياسية. وهنا لابد من التزام الترجمة الحرفية لهذه المذكرات كونها تحتوي على اثباتات ومعلومات هامة.
من أكثر أنواع الترجمة التي يوجد فيها ضوابط وشروط هي الترجمة السياسية. وذلك نظراً لحساسية المجال السياسي وارتباطه بمصير الشعوب والدول. وكذلك فإن الناظر إلى طبيعة هذه الترجمة يدرك أنها تتطلب الالتزام بالضوابط والشروط وأن الاجتهاد الشخصي فيها غير مقبول. إذاً نحن أمام عملية ليست بالسهلة وهذا واقع لابد من معرفته، فالترجمة صعبة ولها ضوابطها وشروطها التالية:
- هناك مصطلحات سياسية خاصة لابد أن تعرفها معرفة دقيقة قبل البدء بالترجمة، على سبيل المثال لو قلنا (السيادة المائية) أو (البرنامج النووي) أو (ترسيم الحدود)، فكل هذه مصطلحات سياسية لا يمكن أن يدخل المترجم في هذه الترجمة إلا بمعرفتها ومعرفة مقاصدها.
- الترجمة الحرفية، احفظ هذا جيداً، حيث أن الترجمة بالاعتماد على المعاني التقريبية تعتبر مرفوضة في عالم السياسة، ولابد هنا من القيام بالترجمة الحرفية كما هو مكتوب أو منطوق.
- علامات الترقيم تعتبر شرط أساسي لنجاح هذا النوع من الترجمة، وذلك لأن عدم وجود علامات الترقيم قد يغير المعنى وبالتالي تغيير المعنى يعني مشكلة قد ترقى لتصبح مشكلة سياسية.
- ليس شرطاً أن تكون مقتصرة على المكتوب بل يمكن أن تكون مسموعة أيضاً. ولهذا لابد من الاستعداد لطبيعة المادة التي ستترجمها.
- ضوابط الترجمة العادية من الالتزام باستخدام كلمات سهلة والالتزام بالنحو والإملاء والصرف والحفاظ على المعنى وما إلى ذلك من محددات، تعتبر ضوابط أساسية في هذه الترجمة.
للقيام بالترجمة لابد أن يتحلى المترجم بالعديد من المهارات التي لا يمكن الحصول على المخرجات الصحيحة للعملية إلا بها. وهذه المهارات أغلبها يكون مكتسباً من خلال التعلم والممارسة. فالمهارة الأولى من هذه المهارات هي إجادة المصطلحات السياسية والمعرفة بها وبمقاصدها المختلفة. ولاحظ أننا ركزنا بشكل كبير على هذه النقطة في مواطن متعددة من هذا المقال. وكذلك لابد للمترجم أن يتحلى بسرعة البديهة التي تمكنه من التقاط الكلمات ومعرفة مرافاتها بسرعة. لاسيما في الترجمة للمضامين المنطوقة.
وأيضاً من المهارات الضرورية أن يكون المترجم قادراً على استخدام علامات الترقيم بشكل متقن. إضافة إلى معرفة المترجم بأخلاقيات الترجمة. وكذلك لابد وأن يكون المترجم ذو مهارة في استخدام برنامج الوورد على الكمبيوتر. وذلك لأن كتابة المضمون ستتم من خلال هذا البرنامج. إضافة إلى ذلك لابد للمترجم أن يكون لديه القدرة على ضبط النص وتنسيقه باستخدام الوورد. وكذلك من المهارات الشخصية تحمل ضغط العمل وقوة التركيز. وكذلك من الأفضل أن يكون المترجم متخصصاً بترجمة المضامين السياسية فقط لأن ذلك يكسبه قدرات على التعامل بشكل أدق مع اللغة السياسية.
الناظر إلى طبيعة المهمة التي تؤديها الترجمة يدرك أن لهذه العملية أهمية لا يمكن الاستغناء عنها، واللافت في هذه الأهمية أن الترجمة السياسية تنعكس أهميتها على المجال التطبيقي للسياسة بما فيه العلاقة بين الدول، وهذا الأمر يجعل منها ميداناً حقيقياً لا يمكن الاستغناء عنه، وفيما يلي من نقاط نعرض العديد من أوجه الأهمية التي تعكسها هذه العملية:
- أولاً: تساهم هذه العملية في الكشف عن الحيثيات السياسية الموصلة إلى حقيقة الأمور، بالتالي تق\يم المعلومات السياسية الصحيحة للرأي العام والجمهور، وهذا الأمر ضروري ليكون الناس على اطلاع للمجريات السياسية حولهم.
- ثانياً: من المجالات الأساسية المزودة لوسائل الاعلام هي السياسية، تقوم بنقل المعلومات والأحداث السياسية لوسائل الاعلام كما هي، مما يجعل تناقل الأخبار أكثر سرعة وأكثر دقة وهذا ما تحتاجه المنظومة الاعلامية.
- ثالثاً: هل سبق وأن رأيت جلسة سياسية يلبس فيها الجالسون سماعات أذن؟، إذا كنت شاهدت ذلك فأنت تشاهد تطبيق عملي للترجمة السياسية، حيث يتم ترجمة حديث المتحدث بشكل مباشر للجالسين وهذا يعني زيادة فرصة الوصول إلى اتفاقيات بين الدول.
- رابعاً: تعتبر المصطلحات السياسية من المصطلحات التي لا يعرفها كثير من الناس ومن خلال الترجمة. تنتشر دائرة التعريف بهذه المصطلحات وبالتالي يصبح لدى الناس وعي أكثر حولها.
- خامساً: تعتبر الترجمة من العمليات الهامة للتصدي للدعاية المضادة، وذلك لأن الترجمة تجعل هناك ادراك لما يتم تناقله بالتالي القيام بالرد على ما يتم تناقله بالحجة والبرهان.
- سادساً: الكثير من الكتابات السياسية تأخذ الطابع التاريخي. وبالتالي هذا النوع من الترجمة يرسخ المفاهيم ويوثق الأحداث وينشر المعلومات الهامة المرتبطة بمصير الشعوب.
بداية فإن المقصود بالترجمة الحرفية هي نقل النص كما هو بنفس المعاني أو اضافة أو نقصان. وكذلك الترجمة الملخصة هي نقل نفس المعاني ولكن بشكل مختصر اجتهادي. وفي الترجمة من الأفضل القيام بالترجمة الحرفية لاسيما في الوثائق الدبلوماسية والأوراق الرسمية. ولكن للضرورة يمكن الاستعانة بالنوع الآخر وهو الترجمة التلخيصية في المؤتمرات السياسية والنقل عن وسائل الاعلام. وذلك لأن الكلام يكون سريع وبحاجة إلى النقل السريع. ولكن هنا نركز على العبارة التالية: وهي أن الترجمة يجب ترجمتها حرفياً في الأوراق والأمور الرسمية ويمكن الترجمة التلخيصية للمضامين السياسية الفرعية مثل المؤتمرات وغيرها.
في سياق الفقرات السابقة استعرضنا طرحاً معلوماتياً مهماً حول الترجمة، فتعرفنا على تعريفها الاصطلاحي ومحدداتها ومن ثم شروطها وبعد ذلك المهارات المطلوبة لتنفيذها وبعدها أهميتها وما إذا كانت حرفية أو تلخيصية، والآن جاء الدور على ذكر أهم المشكلات التي ترتبط بهذه الترجمة، وهذه المشكلات لابد من تلافيها لأن الخطأ في هذا النوع من أنواع الترجمة قد يسبب مشكلات لا يُحمد عقباها، وأهم هذه المشاكل هو:
- تشابك المصطلحات السياسية، وعدنا هنا من جديد لذكر المصطلحات السياسية. في إشارة منا إلى ضرورة ولزومية المعرفة بها. على سبيل المثال نجد مصطلح (الحزب) غير متفق عليه في كثير من الأعراف الدولية، وهنا تظهر المشكلة عند المشكلة.
- الترجمة تتطلب الإلمام بالثقافة السياسية ولربما تطلب الأمر التاريخ أيضاً. وذلك لأن الترجمة من مهامها إيصال المعنى للقارئ، ولفهم المعنى لابد من إدراك كافة حيثياته السياسية والتاريخية.
- في الترجمة الناطقة يواجه المترجم صعوبة في سرعة حديث المتحدث. وفي الحقيقية هذه المشكلة ليس لها حل سوى تطوير المترجم لمهاراته وقدراته على الترجمة. وحقيقة هذه المشكلة صعبة بل وصعبة جداً وكم من المواقف السياسية التي أثبتت وجود هذه المشكلة.
- من مشكلات هذا النوع من الترجمة أنه غير مُدَرس بشكل أساسي في الجامعات. فنجد على سبيل المثال هناك مساق الترجمة الإعلامية والترجمة الطبية وما إلى ذلك من مساقات. ولكن من النادر جداً أن نجد مساق الترجمة.
لطلب المساعدة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي