اطلب الخدمة
ما بين عملية الاقتباس وعملية إعادة صياغة المحتوى، تأتي أحكام الممنوع والجائز، ولعل هاتين العمليتين يخلط بينهما الكثير من الباحثين من ناحية، ومن ناحية أخرى الاقتباس وإعادة الصياغة ترتبطان بعمليات أخرى كالسرقة العلمية للمحتوى، ويُثار الجدل حول مفهومي الاقتباس وإعادة الصياغة، وحول هذا الجدل نضع نقاطاً نقاشية في سياق هذا المقال.
لا يمكن التمييز والوقوف على محددات عملية الاقتباس وعملية إعادة صياغة المحتوى إلا بإدراك مفاهيم الاقتباس وإعادة صياغة المحتوى. فالكاتب يستخدم كلا العمليتين في عملية كتابة العديد من المضامين.
ونبدأ أولاً بعملية تعريف الاقتباس والذي هو: عملية يقوم فيها الكاتب بأخذ جزء من النصوص في محتوى آخر. ويضع الكاتب هذا الجزء في محتوى المادة التي يقوم بإعدادها، مع ضرورة نسبة هذا الجزء إلى محتواه وكاتبه الأصلي.
وبعد تعريف الاقتباس نأتي لنعرف عملية اعادة صياغة المحتوى: وهي عملية يقوم فيها الكاتب بالاعتماد على محتوى آخر جاهز، حيث يبدأ بتبديل الكلمات واعادة تنظيم المفردات والمعاني، بحيث يحتفظ المحتوى المعاد صياغته بنفس معاني المحتوى الذي اعتمد عليه الكاتب ولكن بكلمات أخرى.
وبالنظر إلى تعريف الاقتباس وتعريف عملية إعادة صياغة المحتوى نتوقف مبدئياً على عدة أمور منها:
- الكاتب باعتباره القائم بالاقتباس وكذلك القائم بإعادة الصياغة.
- المحتوى الذي يتم الاقتباس منه أو اعادة صياغته من خلال الكاتب.
- الأخذ للمعلومات مرتبط بين الاقتباس وإعادة الصياغة.
صحيح أن ثمة اختلافات جوهرية بين عملية الاقتباس وعملية إعادة صياغة المحتوى، وسنأتي لذكر هذه الاختلافات بالتفصيل في فقرة لاحقة من هذا المقال، ولكن لا يمكن أن نبدأ بذكر الاختلافات إلا بفهم طبيعة الترابط بين الاقتباس وإعادة الصياغة، وهذا الترابط يظهر في النقاط التالية:
- الاقتباس وإعادة صياغة المحتوى قائمة في الأساس على قيام الباحث بأخذ المعلومات من محتوى آخر خصوصاً أخذ الفكرة.
- الناظر إلى عملية الاقتباس وعملية إعادة الصياغة يجد أنهما تشتركان في التدعيم المعلوماتي، بمعنى أن الكاتب يقوم في الاقتباس بدعم محتوى المادة التي يقوم بتنفيذها بمحتوى آخر ناتج عن عملية الاقتباس، و كذلك الأمر بالنسبة لإعادة الصياغة، ولكن اعادة الصياغة هنا لا تكون بالتدعيم المجتزء دائماً بل يمكن أن يقوم الكاتب بنقل كامل المحتوى بصياغة أخرى وبنفس المعنى دون وجود محتوى آخر لتدعيمه، فهنا الاشتراك بين الاقتباس وإعادة الصياغة هو فقط في التدعيم المعلوماتي في المحتوى المعاد صياغته جزئياً لا كلياً من قبل الكاتب.
- نختم هذه الفقرة بنقطة جوهرية وهي أن كلاً من الاقتباس وإعادة الصياغة يشتركان في أخذ الكاتب للمعنى.
أوردنا في الفقرة السابقة طبيعة الترابط بين الاقتباس وعملية إعادة صياغة المحتوى. والآن نأتي لنورد مقارنة مبسطة يظهر فيها الاختلاف بين الاقتباس وإعادة صياغة المحتوى:
- أول نقطة تبرز المقارنة والاختلاف بين الاقتباس وعملية إعادة صياغة المحتوى هي النص، حيث يقوم الباحث في الاقتباس بأخذ النص كما هو بما يحتويه من معاني وإرفاق هذا الاقتباس في مضمون آخر، وأما في المضمون المعاد صياغته فيقوم الباحث بعملية أخذ المعنى دون النص، حيث أن الباحث يصوغ هذه المعاني باستخدام أسلوب كتابي وكلمات أخرى غير الموجودة في المحتوى الأصلي.
- عملية التوثيق لابد أن يقوم بها الكاتب في حالة الاقتباس، ولكن في إعادة الصياغة فإن عملية التوثيق ضرورية ولكن لا ترقى إلى حد السرقة العلمية في كثير من الأحوال _كما يرى العديد من الباحثين_.
- يقوم الكاتب بأخذ الاقتباس كما هو ووضعه كما هو دون زيادة أو نقصان. ولكن في عملية إعادة صياغة المحتوى فيقوم الكاتب بالإضافة والحذف كما شاء على مضمون المحتوى الأصلي.
- الاقتباس يأخذه الكاتب ويحلله ويناقشه بشكل مباشر، أما المحتوى المعاد صياغته فيكون متناولاً لموضوع وفكرة أُخذت من قبل ويقوم الكاتب بصياغتها وفق رؤيته.
- يختلف الاقتباس عن المضمون المعاد صياغته في كونه عملية معتمدة من كافة الجامعات. أما المضمون المعاد صياغته فإن تم اكتشافه بقدر نسبة معينة فتقوم أغلب الجامعات برفض المضمون الذي قدمه الكاتب.
المجال المعرفي محكوم بأخلاقيات ومواثيق عالمية، تجعل هذا المجال ذو موضوعية ومصداقية وجمال ورونق المعرفة والمعلومات والثقافة. فعلى الكاتب أن يلتزم في الاقتباس وكذلك في إعادة صياغة المحتوى بكافة الأخلاقيات المعرفية ومن أهمها:
- الكاتب الذي يقوم بالاقتباس لابد يجعل الاقتباس في مكانه الصحيح. من غير تهكم ولا تقليل من قيمة المادة التي قام الكاتب بالاقتباس منها، وكذلك الأمر بالنسبة للمحتوى المعاد صياغته.
- تفقنا على ضرورة قيام الكاتب بعملية توثيق لكافة الاقتباسات التي يأخذها، ورغم اختلاف بعض الباحثين في لزوم عملية توثيق المحتوى المعاد صياغته، إلا أن الميثاق الأخلاقي يُفضل قيام الباحث بهذا التوثيق، وهذا التوثيق لابد أن يحرص فيه الكاتب على كتابة اسم المؤلف الحقيقي للمضمون الذي تم الاقتباس منه وكذلك اسم المضمون ومكان وتاريخ نشره.
- لابد ألا ينكر الكاتب جهد الكتاب الآخرين الذين قاموا بإعداد المحتوى الأصلي. وذلك سواء في عملية الاقتباس أو إعادة صياغة المحتوى.
- على الكاتب ألا يقوم باستغلال المحتوى بالاقتباس منه ووضع الاقتباس، في ثغرات مخالفة للآداب والمعايير الأخلاقية والمجتمعية، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة صياغة المحتوى، وعلى سبيل المثال استخدام بيت شعر لكاتب ما في محتوى آخر يدعوا للعنف ضد فئة معينة من الناس.
في البداية نقول أن لكل عملية من هاتين العمليتين خصوصية في الاستخدام، فالاقتباس له أماكن خاصة به لا يمكن الاستغناء فيها عن الاقتباس، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة صياغة المحتوى، ولكن في هذه الفقرة نتحدث عن الحالات التي يكون فيها مخيراً بين استخدام الاقتباس واستخدام إعادة الصياغة، وهنا نقول:
- الكاتب الذي يرى أن الاقتباس سيساعده على ابداء رأيه وتفاعله مع ما كتبه كتاب آخرين. فهنا الاقتباس يكون أكثر مناسبة من إعادة الصياغة.
- بعض المحتويات لا يمكن القيام بالاقتباس منها، على سبيل المثال المضامين التي يرفض كاتبها الأصلي الاقتباس منها مطلقاً، ولكن يكون معناها ضروري جداً لإلحاقه في إحدى المضامين الأخرى، فهنا يقوم الكاتب بإعادة صياغة هذا المحتوى لضرورته.
- الاقتباس يكون ضروري في حالة الاستدلال التاريخي بمضامين أخرى لكتاب آخرين. وهنا إذا كان الاستدلال التاريخي ضروري فلابد للكاتب أن يقوم بالاقتباس وأن يبتعد عن إعادة الصياغة.
- عمليات كثيرة تتطلب الاقتباس منها التعليق على الدراسات السابقة، أو نقد النتائج، وغيرها. ولهذا نجد أن الاقتباس يتم تصنيفه كعملية من عمليات البحث العلمي.
- دائماً لابد أن يضع الكاتب الاقتباس بالدرجة الأولى قبل أن يقوم بالتفكير بإعادة الصياغة، وذلك لأن الاقتباس متوافق عليه جامعياً، ويعتبر الاقتباس مقبول في كافة المجلات العلمية المحكمة، بخلاف إعادة الصياغة.
عملية الاقتباس في حد ذاتها تعتبر منظومة متكاملة فيها مدخلات وعمليات ومخرجات. والمدخلات هي مضمون الاقتباس نفسه الذي يقوم الكاتب بتضمينه. والعمليات والمخرجات يأتي ايضاحهما فيما يلي:
- يحصل الكاتب على معلومات مخرجة من خلال عمليات التحليل والنقاش للاقتباسات التي قام الكاتب بتضمينها.
- المقارنة التي يدرجها الكاتب بين المعلومات المقتبسة نفسها من ناحية، وبين هذه المعلومات ومضمون بحثه الحالي. تعتبر مخرجات مهمة تتداخل في النتائج النهائية للبحث.
- الاقتباسات تُعطي الكاتب مخرجات مميزة مرتبطة بعملية التعليق والانتقاد الذي يستطيع خلالها الكاتب ابداء رأيه.
- يتمكن الكاتب من عرض المعلومات بصياغة ممتعة بالتشابك مع المعلومات المقتبسة.
بطريقة أخرى: (كيف أعرف أن هذه المعلومات عبارة عن عملية اقتباس قام بها الباحث؟)، فعملية الاقتباس تأخذ صوراً خاصة بها منها:
- يكون الاقتباس الحرفي للمقولات المنسوبة للمتحدثين موضوعة بين قوسين أو اشارتي تنصيص.
- سياق الكتابة قد يوحي بأن المعلومات القادمة هي معلومات مقتبسة، على سبيل المثال أم يقوم الباحث بعملية كتابة: (وفيما يلي نعرض وجهة نظر الباحث كذا والتي أوردها في كتابه كذا).
- عملية توثيق المراجع تعتبر من أكثر المؤشرات لوجود الاقتباس. حيث يقوم الباحث بوضع اشارة تفيد لرقم المرجع الخاص بكل اقتباس في التوثيق الداخلي.
- يُعرف الاقتباس من خلال طبيعة الطرح في عمليات التحليل والنقاش والمقارنة.
- الدراسات السابقة تعتبر صورة مكبرة من صور المعلومات المقتبسة. ولهذا ننصحك بالنظر في معلومات الدراسات السابقة أولاً لتعرف ماهية عملية الاقتباس.
- الاقتباسات تكون عاكسة لعملية التفاعل والتداخل بين بعضها البعض، على سبيل المثال قيام الباحث بعملية كتابة قالب فيه: (وجاء رأي الباحث فلان الذي قال فيه كذا بخلاف قول الباحث فلان والذي جاء فيه كذا....).
لطلب المساعدة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي