اطلب الخدمة
الاسلوب العلمي والادبي
عالم الأبحاث والدراسات يسير كأنه سفينة ضخمة لها عدة محركات ومن أبرز محركات الأبحاث هو الاسلوب العلمي والادبي ، حيث أن لكل واحد من هذين الأسلوبين خواصه التي تبرز كينونته وتجعل القارئ يشعر أنه يسير في طريق له مصابيح واشارات مرور، حيث أن الاسلوب العلمي والادبي يعتبر كل منهما من أهم المحددات التي لابد وأن يتعرف عليها الباحث، وذلك باختصار كما أسلفنا أن هذين الأسلوبين محركين أساسيين للأبحاث العلمية، ولكن تأتي التساؤلات هنا ماذا يعني الاسلوب العلمي والاسلوب الأدبي؟، و كذلك متى يستخدم الأسلوب العلمي ومتى يستخدم الأدبي وكيفية استخدام كل منهما؟، وهل يمكن الجمع بينهما في أسلوب واحد؟، كل هذه التساؤلات وأمور أخرى عديدة نوردها في السياق التالي.
الأسلوب العلمي هو عبارة عن أسلوب يتجه نحو طرح المعلومات وصياغتها بطريقة مباشرة مبنية على مجموعة من المحددات التي تندرج تحت المجال العلمي، ولعل التعريف لا يزال غامضاً بعض الشيء، ولهذا نضع النقاط الشارحة التالية:
- هذا الأسلوب يعتمد على أسلوب الطرح المباشر للمعلومات، من غير وجود حركات فنية أو جمالية في سياق الطرح.
- يعتمد على المصطلحات بشكل كبير وعلى التجارب وعلى التحليلات والتفسيرات وما إلى ذلك من عمليات شارحة للمعلومات.
- هذا الأسلوب يتميز بالسرعة في إعطاء المعلومات وبالجمود عن استخدام التعبيرات الجمالية.
إذ قلنا الأدب، فمباشرة ستتجه أذهاننا إلى الروايات والمسرحيات والأشعار والقصص والفنون الكتابية الجمالية. وهذا هو بالضبط ما نريد أن نصل إليه في استفتاحنا لفقرة التعريف بالأسلوب الأدبي. إذ أنه عبارة عن أسلوب يعتمد على الطرح والصياغة المعلوماتية المدعمة بالكلمات والعبارات الجمالية. وفيما يلي نقاط مهم حول هذا التعريف:
- هذا الأسلوب رغم أنه يعتمد بشكل أساسي على الجماليات اللغوية، ولكن هذا لا ينفي وظيفته في ايصال المعلومات النقاشية والتحليلية ولكن يغلب عليه الكلمات الأدبية.
- يعتمد هذا الأسلوب على الطرح المعلوماتي الذي يخاطب الذوق والحس الوجداني قبل العقل والفكر، وهذا يجعله ذو جاذبية في استقطاب القراء.
نتفق أولاً على أن مكونات الاسلوب العلمي والادبي هي عبارة العمليات والمدخلات التي يغلب على كل أسلوب استخدامها، وليس شرطاً أن تكون كل هذه المكونات موجودة في نفس الدراسة التي تستخدم هذا الأسلوب، فهذه المكونات انتقائية يختارها الباحث ولكن تغلب كثرتها على كامل المضمون البحثي الذي يستخدم هذا الأسلوب، وهذه المكونات أهمها:
- المصطلحات: إذ أن المصطلحات هي العماد الأساسي للأسلوب العلمي، فلا تخلو أي دراسة علمية من كثرة المصطلحات فيها، و كذلك تأتي المصطلحات الكثيرة في هذا الأسلوب بسبب تداخل العناصر في هذا الأسلوب وكثرة المدخلات والمخرجات.
- التحليلات: دوناً عن أي عملية أخرى، فإن التحليل والتفسير هم الأكثر انتشاراً في البحث المستخدمة لهذا الأسلوب، وذلك لأن الأسلوب العلمي يقوم بوضع المعلومات كما هي ومن ثم سيقوم بشرحها.
- التجارب: كثير هي الدراسات العلمية التي تعتمد على التجربة سواء كأداة دراسة أو غير ذلك، ولهذا نلاحظ أن هذا الأسلوب تكثر فيه التجارب وصياغتها.
- النقاشات: ليست بعيدة عن التحليلات ولكن فيها يتم عرض المعلومات من جهات نظر مختلفة، ويتم نظمها وفق رؤية الباحث.
- الأرقام والنسب: تتكون الدراسات العلمية من عدد أرقام ونسب ليس بالبسيط وذلك هذا المجال. يأتي ضمن التجارب والاستنتاجات التي تؤدي إلى مخرجات عبارة عن نسب وأرقام في كثير من الأحيان.
قبل أن تقرأ هذه الفقرة اسأل نفسك ( ماذا ستجد في مكونات هذا الأسلوب؟)، حيث أنه بفهمك لكلمة أدربي ستجد أنك وقد تعرفت على كثير من هذه المكونات، وهنا نجمل هذه المكونات بغض النظر عن طبيعة القالب هو رواية أو قصة أو شهر أو غيره:
- التشبيهات والاستعارات المكنية وغيرها من المكونات الأدبية، فنجد أن هذه الدراسات تشمل على كثير من التشبيهات، على سبيل المثال تشبيه العلم بالبحر، و كذلك تتنوع هذه المحددات من التشبيهات العادية والاستعارات المكنية والتشبيهات المجازية والأمثال وغير ذلك الكثير.
- أبيات الشعر تعتبر من الأسانيد التي تستند إليها الدراسات المستخدم فيها الأسلوب الأدبي، حيث أن الشعر جزء أساسي من هذا الأسلوب، ولكن ليس شرطاً أن يكون هناك شعر في مضمون أدبي تتم كتابته.
- السرد يعتبر من الأمور البارزة في هذا الأسلوب حيث أن السرد يحوي مساحة كبيرة من الكتابة الابداعية.
- الكلمات والعبارات الجمالية، فالأسلوب الأدبي من المنطقي أن يغلب عليه الكلمات والعبارات الجمالية التي من شأنها جذب القارئ.
- النقد سيعتبر من العمليات التي يشملها هذا الأسلوب بشكل أساسي، فكثيرة هي الدراسات النقدية التي تجري على الأعمال الأدبية.
هناك مجالات يكثر فيها استخدام الأسلوب العلمي ويكون هذا هو الأكثر مناسبة، و كذلك هناك مجالات أخرى يكثر فيها استخدام الأسلوب الأدبي ويكون الأنسب لها، ويأتي ذلك وفقاً لمزايا وخصائص كل أسلوب وما يتوافق مع من متطلبات دراسة في مجال معين، وفيما يلي نورد أهم المجالات مع تفصيل الأنسب لها:
- أولاً: المجال الطبي: مباشرة إذا سمعت المجال الطبي فألحقه بالأسلوب العلمي، وذلك لأن المجال الطبي يقوم على أساس معلومات علمية يتم شرحها وتحليلها مباشرة.
- ثانياً: التقنية والتكنولوجيا: هذا المجال لا يمكن أن يشمل على الأسلوب الأدبي إطلاقاً، وذلك لأن معلوماته تكون علمية منبثقة من تجارب وتحليلات وما إلى ذلك من محددات.
- ثالثاً: المجالات العلمية الخاصة بالعلوم الأساسية الثلاثة وهي الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات.
- رابعاً: المجال الأدبي نفسه يعتبر من المجالات الشارحة لنفسها من حيث الأسلوب المستخدم فيها وهو بالطبع الأسلوب الأدبي. ونرى أنه لا حاجة لتفسير سبب هذه الاختيار.
- خامساً: المجال الإعلامي يكثر فيه استخدام الأسلوب الأدبي لجذب الانتباه.
- سادساً: التنمية البشرية والريادية تكون المواد المكتوبة عنها يناسبها الأسلوب الأدبي أكثر من العلمي. وذلك لأنها مجالات تحتوي على عبارات تحفيزية وعلى قصص واقعية وتخيلية يكون الهدف منها التأثير في النفوس.
- سابعاً: قصص الأطفال والمضامين الأخرى التي لها علاقة بقصص الأطفال من دراسات يقرأها الأطفال.
- ثامناً: مجال المضامين التاريخية يغلب عليها الأسلوب الأدبي، لاسيما وأن الباحث يصيغ رأيه بشكل جذاب وجمالي، على سبيل المثال كتابة (ولا يزال هذا القائد العظيم نبراساً مشتعلاً في قلوب الأمة الاسلامية أبد الآبدين).
لكل أسلوب من هذين الأسلوبين خصائص تميزه عن الآخر. وهذه الخصائص تأتي منبثقة من طبيعة الوظيفة والهيكلية التي يؤديها كل منهما. ومجمل الخصائص تكون متباعدة بعض الشيء نظراً لأنها خصائص وظيفية كما أوضحنا، وفيما يلي نوضح هذه الخصائص:
أولاً: خصائص الأسلوب العلمي:
- يتميز بكثرة المصطلحات فيه وهذه النقطة كررناها أكثر من مرة في هذا المقال. وذلك لأنها الميزة الأكثر بروزاً في الأسلوب العلمي.
- الجمود والمباشرة في تقديم المعلومات، حيث أن هذا الأسلوب يعتمد على عرض المعلومات كما هي دون أي صياغة فنية.
- بذكر الصياغة الفنية فإن هذا الأسلوب يعتمد على الصياغة التحليلية والنقاشية والتفسيرية. ولهذا يتميز بكثرة عدد الكلمات فيه.
- تكون النتائج فيه ذات بُعد عددي ونسبي، ويتم برهنة هذه النتائج من خلال بمجموعة من العمليات. التي تعتمد على مقارنة المخرجات الرقمية والنسبية بعضها ببعض.
- غالباً ما تكون الفرضيات في هذا الأسلوب مثبتة. وذلك لأن الباحث عندما يكتب الفرضيات يكون في تصوره طبيعة المعلومات التي ستخضع للدراسة.
- المنهج الوصفي والتحليلي والتجريبي هي المناهج الأكثر استخداماً في هذا الأسلوب.
ثانياً: خصائص الاسلوب الادبي:
- الكلمات الابداعية والفنية واستخدام كل ما له علاقة بالأدب من سرد وتشبيه وشعر وغيرها. هذه هي الخاصية الأكثر أهمية وبروزاً.
- الرأي الشخصي والتخيلات تعتبر من الخواص التي تنعكس واضحة عن هذا الأسلوب.
- يشعر القارئ وهو يقرأ في هذا الأسلوب بأنه أمام أحداث تصويرية. ولتقريب ذلك نضع جملة (تخيل أنك أمام فيلم لرسوم كرتونية). وهذا الشعور هو الذي يسيطر على القارئ الذي يقرأ الدراسات الأدبية.
- هذا الأسلوب تنعكس عنه خاصية الانفراد بالفقرات، فتشعر وكأن كل فقرة هي دراسة بحد ذاتها. ومن ثم تترابط الفقرات بعضها مع بعض.
- المنهج الوصفي والاستقرائي والتاريخي هما الأكثر استخداماً في دراسات هذا الأسلوب.
من خلال الطرح السابق لعل المتمعن في المعلومات التي أوردناها يستطيع أن يستنتج الفروقات بين الأسلوب العلمي والأدبي. حيث اتضحت العديد من جوانب هذه الفروق فيما أوردناه، وفي هذه الفقرة نحصر هذه الفروقات كما يلي:
- أولاً: هناك فرق في الوظيفة فالعلمي وظيفته الشرح والتحليل والأدبي وظيفته الجذب وتقديم المعلومات بتشويق.
- ثانياً: عدد الكلمات غالباً ما تكون في الدراسات العلمية أكثر من الدراسات الأدبية، ولكن يُستثنى من ذلك الدراسات الأدبية النقدية.
- ثالثاً: هناك فرق واضح بين المصطلحات العلمية والأدبية، فالأولى كثيرة الاستخدام بعكس الثانية التي يصعب تحديدها لندرتها.
- رابعاً: المتغيرات والنتائج والفرضيات في البحوث العلمية تكون واضحة بشكل دقيق يسهل فهمه. بعكس الدراسات الأدبية التي بحاجة لفهم معمق لمعاني الكلمات.
- خامساً: اللغة نفسها هي الفارق الأساسي بين الأسلوب العلمي والأدبي، إذ أن اللغة في العلمي هي لغة مباشرة معتمدة على المفاهيم العلمية، أما في الأدبي فهي لغة جمالية فيها تركيبات وتشبيهات وما إلى ذلك من محددات أخرى.
- سادساً: المجالات التي يستخدم فيها كل من الأسلوبين، هناك اختلاف بينها، فليست كل المجالات صالحة للعملية و كذلك ليست كل المجالات صالحة للأدبي.
الاجابة المباشرة والمؤكدة هو نعم، ورغم اختلاف بعض العلماء على عدم جواز هذا الجمع بين الأسلوبين، ولكن الناظر إلى الدراسات وهيكلياتها يجد أن هناك كثيرة بل وكثيرة جداً تجمع بين الأسلوبين، ونحن نرى أن نشجع على ذلك في الدراسات الحديثة للاستفادة من خواص كل من هذين الأسلوبين، وليأخذ القارئ جولة فكرية متنوعة بين العلم والأدب، بل نرى أن هناك مجالات كثيرة لا يمكن إفرادها بأسلوب واحد من هذين الأسلوبين وتكون بحاجة إلى الأسلوبين معاً، نوضح هذا المقصد في السياق التالي:
- من المجالات التي من المنطق أن تجمع بين الأسلوبين هي المجال الاجتماعي والمجال التربوي والمجال التعليمي، وبهذا يكون الجمع بين الأسلوبين ضروري في بعض الدراسات.
- نحن نتحدث عن معلومات نريد إيصالها للقارئ بشكل جذاب وفي نفس الوقت بشكل علمي مضبوط، وبهذا يكون من المنطقي الجمع بين الأسلوبين.
- رغم أن هذين الأسلوبين يختلفان في طريقة الأداء إلا أنهما يلتزمان بالعناصر العامة للبحث الموجودة في الخطة، فنجد في العلمي الفرضيات والمتغيرات والمناهج وما إلى ذلك من أمور، ونفس الشيء نجده في الأدبي.
لطلب المساعدة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي