اطلب الخدمة
تمثل الدراسات السابقة عنصراً أساسياً من عناصر البحث بالتالي فإن أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة تعتبر أمر ملازم لأي بحث من البحوث، ولعل الباحث الذي يدرك أوجه الاستفادة هذه يتكون لديه فكرة أوسع عن الدراسات السابقة وكيفية اختيارها وتوظيفها في مضمون البحث، وكذلك فلا يمكن الوصول إلى الاستفادة من الدراسات السابقة إلا باتباع مجموعة من الاجراءات والشروط، على سبيل المثال هل يمكن أن يستفيد المصنع من آلة معينة مادام العامل لا يجيد استخدامها؟ بالطبع لا، وهذا تماماً ما ينطبق على الدراسات السابقة، وفي سياق هذا المقال سنطوف على أمور عديدة تدور حول أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة.
بدأنا أول الفقرات الرئيسية من هذا المقال بذكر الشروط التي يجب اتباعها في الدراسات السابقة. وهذه الشروط مقسمة على عدة محاور. من أهمها الشروط في اختيار الدراسات السابقة والشروط في كتابتها وصياغتها ودمجها في مضمون البحث. وتعتبر هذه الشروط هي الموصل الأساسي للاستفادة. فمن دون اتباع هذه الشروط لن تتحقق الاستفادة من هذه الدراسات. ولهذا سنعرض هذه الشروط مفصلة في سياق النقاط التالية:
أولاً: شروط اختيار الدراسات السابقة: لابد عند اختيار هذه الدراسات أن تكون لها علاقة بموضوع البحث، ومناسبة لهذا الموضوع من ناحية الطرح المعلوماتي، وكذلك لابد أن تكون موثقة توثيقاً صحيحاً وبعيدة عن شبهة الانتحال، كما لابد أن تكون هذه الدراسات مختارة من مصادر معتمدة، ويجب أيضاً الالتزام عند اختيارها بمدى ترابطها بعضها مع بعض للوصول إلى نتائج البحث الحالي بشكل دقيق.
ثانياً: شروط كتابة الدراسات السابقة: هنا لابد من الانتباه إلى الشروط المتعلقة بمكان الكتابة، حيث تُكتب تارة في الخطة وتارة في الإطار النظري، ففي الخطة لابد أن تكتب بعنوانها الرئيسي ومن ثم كتابة نبذة بسيطة عنها بما يُعرف بها، وكذلك لابد أن تُكتب كل دراسة على حدة، ومن الشروط الهامة هو التوثيق الداخلي في الخطة، وكذلك لابد أن يتم ترتيبها وفقاً لآلية واحدة، حيث ترتب إما باعتبار تاريخ الصدور سواء التنازلي أو التصاعدي، أو باعتبار المنهج، أو باعتبار الأهمية، أما بالنسبة لشروط الكتابة في الإطار النظري فلابد اتباع الطرح السليم واجراء المقارنات المنطقية، وكذلك اجراء عملية الدمج المتسلسل في طرح المعلومات.
ثالثاً: شروط الصياغة: لابد أن تتم صياغة هذه الدراسات باستخدام أسلوب سهل وبسيط بعيد عن التعقيد، ويفضل استخدام اللغة ذات الأسلوب الخطابي.
رابعاً: لابد من ربط الدراسات السابقة ليس فقط بموضوع البحث بل ربطها بعضها ببعض، وكذلك ربطها مع نتائج وأهداف البحث بشكل عام.
خامساً: لابد أن تكون هذه الدراسات ذات قيمة علمية وخالية من أي مشكلات سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية أو اللغوية.
إذا قام الباحث باتباع كافة الشروط التي عرضناها في الفقرة السابقة والتي ترتبط بالدراسات السابقة من ناحية الاختيار والكتابة والصياغة وأمور أخرى، فيمكن القول بأن الباحث قد خطى خطوات ثابتة على طريق تحقيق أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة، وتأخذ كلمة الأوجه صفة الجمع كون الاستفادة متعددة، وفيما يلي من نقاط نحاول حصر أهم هذه الأوجه:
- لابد للباحث أن يجد قاعدة متينة يرتكز عليها في بحثه، وهذه القاعدة تمثلها الدراسات السابقة، حيث أنها تعطي معلومات ذات قيمة علمية وتعتبر سنداً علمياً يمكن للباحث أن يقيس عليها معلوماته
- من خلال هذه الدراسات يصبح لدى الباحث القدرة على معرفة كيفية تناول الباحثين الآخرين لهذا الموضوع، بالتالي يتمكن من الوصول للثغرات التي لم يتحدثوا عنها ويقوم هو بالحديث عنها كسابقة علمية وإضافة معلومات جديدة.
- يمكن للباحث أن يستفيد من هذه الدراسات في معرفة الهيكلية العامة للبحث. والتعرف عن قرب على كيفية كتابة البحث بالترتيب وبعناصره الكاملة، وماهية كل عنصر من هذه العناصر.
- كثير من الأحيان يقوم الباحثين بالارتكاز على الدراسات السابقة في تحديد نقطة البداية والانطلاق لأبحاثهم، فيقوم بالوقوف عند الأمور التي توقفت عليها تلك الدراسات ثم يستكملون ويضيفون عليها معلومات جديدة.
- وجود دراسات سابقة عديدة يؤكد على مدى أهمية الموضوع الذي يتناوله الباحث في بحثه الحالي، بالتالي إقناع القارئ بهذه الأهمية وزيادة جذب القراء.
- من خلال الاستطلاع والتغذية الفكرية التي يأخذها الباحث من هذه الدراسات يمكنه تحديد عناصر بحثه، أو بالأحرى تحديد الفرضيات والمتغيرات التي سيسير عليها في بحثه.
- من البديهي أن تكون الدراسات السابقة من مصادر المعلومات الأساسية للباحث، فمن خلال هذه الدراسات يقوم الباحث باقتباس الكثير من المعلومات، وكذلك يقوم الباحث بإجراء العديد من العمليات العرفية مثل المناقشات والتحليلات والمقارنات من خلال هذه الدراسات.
- عندما يقوم الباحث بتوثيق هذه الدراسات يكون بذلك قد أخبر القارئ بجزء من الجهد الذي بذله للحصول على المعلومات.
لا تعود الدراسات السابقة بالفائدة على الباحث وعلى البحث فقط، بل تعود بالفائدة على القارئ أيضاً، ولربما هذا الجانب لم يلتفت إليه الكثير، ولكن المتفكر فيه يجد أن هذه الاستفادة يلمسها القارئ بشكل جدي سواء لاحظ القارئ ذلك أم لم يلاحظ، فمنها أن القارئ من خلال وجود معلومات مقتبسة من هذه الدراسات يجد تنوعاً في الطرح ويجد أمامه قالب نقاشي وحواري بين الباحثين حيث تمثل كل دراسة وجهة نظر كاتبها، وهذا يجعل القارئ يندمج مع ما يقرأه ويتابع القراءة ويستفيد من المعلومات بشكل واسع، وكذلك فإن القارئ عندما يجد التحليلات والنقاشات والمقارنات يكون بذلك قد لمس تنوع في طريقة عرض المعلومات، ويمكن للقارئ من خلال هذه الدراسات أن يفهم توجه كاتب الباحث ويتوقع النتائج التي سيصل إليها الباحث من خلال تناوله للدراسات السابقة.
كما أن تمعن القارئ في المعلومات المقتبسة من الدراسات السابقة يجعل لديه القدرة على تميز كثير من جوانب القوة والضعف في البحث الذي يقرأه، وهذه الدراسات بشكل عام يمكن اعتبارها مادة تقدم العديد من الجوانب الخاصة بموضوع البحث للقارئ، وكذلك يمكن القول بأن هذه الدراسات يستفيد منها القارئ في كونها ذات طرح تاريخي في كثير من الأحيان، فيتعرف القارئ على طبيعة تناول الموضوع على مر تواريخ مختلفة.
ربط عملية تحكيم الدراسات السابقة بأوجه الاستفادة منها يأتي بشكل متوافق. إذ أن الاستفادة من هذه الدراسات يأتي وفقاً لإتمام عملية التحكيم وإجراءها بشكل متقن. على سبيل المثال إذا تم تحكيم دراسة تحكيماً غير دقيقاً. وتم الحكم على كثير من المعلومات الخاطئة التي تناولت الدراسات السابقة بأنها معلومات صحيحة فلن تتحقق الفائدة من هذه الدراسات. وبالتالي فإن عملية التحكيم تضع الميزان التصحيحي لهذه الدراسات والمعلومات المرتبطة بها. ولابد أيضاً في عملية التحكيم من اشتمالها على مجموعة من الأمور من أهمها ارتباط هذه الدراسات بموضوع البحث الحالي. وكذلك مدى مناسبة الطرح منها وعلاقتها بتدعيم البحث بالمعلومات الصحيحة.
بل إن الدراسات السابقة من أهم مصادر المعلومات للبحث. حيث أن المصدرين الرئيسيين للمعلومات الخاص بالبحث هما العينة الدراسية والمعلومات التي يتم أخذها منها بواسطة أدوات الدراسة. ومن ثم المعلومات المقتبسة من الدراسات السابقة. ولكن في حالة أخذ المعلومات من الدراسات السابقة لابد من الالتفاف إلى عدة أمور نوجزها في سياق النقاط التالية:
- كل معلومة يتم أخذها من الدراسات السابقة حتى وإن كانت كلمة، لابد أن توثقها توثيقاً كاملاً. مرة في داخل البحث ومرة أخرى توثق الدراسات السابقة كاملة في قائمة المراجع.
- بالنسبة للتوثيق فإن من الجدير بالذكر أن كتابة هذه الدراسات في خطة البحث يتطلب توثيقها، وذلك بوضع إشارة مرجعية على نهاية عنوان الدراسة السابقة ومن ثم توثيق المعلومات في أسفل الصفحة بكتابة اسم الكتب وعنوان الدراسة ومكان وسنة الصدور.
- عندما نعتمد على الدراسات السابقة كمصدر من مصادر المعلومات فإنها تكون محكومة بنسبة الاقتباس العامة، بمعنى أن الاقتباس من الدراسات السابقة يندرج تحت نسبة الاقتباس لكامل المعلومات من كافة المراجع.
- يُفضل عدم الاقتباس النصي من الدراسات السابقة، بل اقتباس هذه المعلومات وإدخالها في نوع من النقاش والتحليل.
كافة عمليات البحث تستفيد من الدراسات السابقة. ولكن عملية التحليل الإحصائي لها خصوصية في هذه الاستفادة. والحقيقة أن الدراسات السابقة رغم أنها مصدر أساسي من مصادر المعلومات للبحث. إلا أن المعلومات الداخلة في عملية التحليل الإحصائي لا يتم أخذها من الدراسات السابقة بل يتم أخذها من العينة. بالتالي لا تستفيد عملية التحليل الإحصائي من الدراسات السابقة في جلب المعلومات لخاصة بها. ولكن الاستفادة تكمن في البراهين على نتائج التحليل الإحصائي. حيث تمثل المعلومات المقتبسة من الدراسات السابقة جانب مهم من جوانب التأكيد على صحة نتائج التحليل الإحصائي. وذلك من خلال ربط نتائج التحليل الإحصائي بهذه الدراسات وإجراء طرح ومقارنات منطقية بينهما. بالتالي يمكن القول بأن نتائج التحليل الإحصائي تستفيد من الدراسات السابقة في التأكيد على صحتها وتفسيرها وتحليلها.
ذكر أهداف الدراسات السابقة يأتي ملازماً لذكر فوائدها. لأنه باختصار عندما تحقق الدراسات السابقة أهدافها تكون بذلك حققت فوائد كثيرة من تلك الفوائد المرجوة منها. وأول هذه الأهداف هو اعتبار الدراسات السابقة مصدر من مصادر جمع المعلومات بالتالي توفير المعلومات اللازمة للبحث. وكذلك بيان الاضافات الجديدة التي قام بها الباحث. وكذلك من الأهداف الهامة هي استكمال ما توقف عنده الباحثون الآخرين. ومن الأهداف أيضاً أن الإحاطة بالموضوع من جوانب عديدة والإتيان بطرح معلوماتي فريد وممتع. وكذلك من الأهداف إيجاد نظرة تاريخية لطبيعة الموضوع الذي يتناوله الباحث.
تكمن الكثير من أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة في عملية التعقيب عليها، وذلك لأن التعقيب على هذه الدراسات يعتبر في حدّ ذاته اكتشاف لجوانب الفوائد التي انعكست على البحث ومحدداته، ومن هنا يمكن القول بأن التعقيب على الدراسات السابقة يعتبر نقداً يبرز هل حققت الدراسات السابقة أهدافها أم لا، وفيما يلي نعرض آلية عملية التعقيب:
- أول شيء يتم إمساك كل دراسة على حدة وكتابة مدى ترابطها مع موضوع البحث الحالي، وهل حقاً قام الباحث بالاستفادة في الكشف عن معلومات جديدة تفيد البحث من خلال هذه الدراسات أم لا؟
- يتم النظر في مجمل الدراسات واستخراج المتغيرات المترابطة بينها والتعليق عليها، وكذلك التعليق على هذه المتغيرات في ظل واقع عملية التحليل الإحصائي.
- يتم وضع الجوانب الجديدة التي أضافها الباحث على الدراسات السابقة. والجوانب التي استكمل الباحث الطرح المعلوماتي الموجود في الدراسات السابقة.
- في الختام يتم التعقيب على الدراسات السابقة من وجهة نظر منفذ التعقيب ب1كر جوانب القوة والضعف.
لطلب المساعدة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي