اطلب الخدمة
النقد الدقيق لجوانب العمل العلمي
إن أول ما استعملت كلمة النقد كانت بمعنى فرز الدراهم والدنانير، لبيان الصحيح والزائف منها، والنقد مهارة يختص بها الصيارفة، ثم انتقلت إلى نقد أخلاق الناس وعاداتهم، وبيان ما يتحلون به من كريم الصفات، وما يعاب على أحد من السلوك، ثم اتسع لفظ النقد حتى اشتمل على مجالات عديدة.
ماهو النقد العلمي وما هي أهميته؟
النقد العلمي:- هو دراسة الأعمال وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابه لها، والكشف عما في العمل البحثي من جوانب القوة والضعف، والجمال والقبيح، ثم الحكم على العمل البحثي ببيان قيمته ودرجته. ويمكن اختصار التعريف بالقول بأن النقد هو :- التمييز بين الجيد والرديء.
أهمية النقد العلمي:-
1- يساعد النقد العلمي على عدم الارتجال أو العشوائية في العمل العلمي، بل يوجهك إلى الالتزام بالخطة العلمية والمنهج البحثي.
2- انتفاء الرؤى الذاتية أو المتطرفة، لأنك تعلم مسبقاً أن عملك البحثي سيخضع لمعايير نقدية تحتاج إلى الموضوعية والوصول إلى نتائج علمية من خلال مقدمات واضحة وصحيحة.
3- يوضح النقد مستوى ونوعية الأطروحات العلمية، فالنقد في أساسه عملية فرز الجيد من الرديء.
4- يحثك النقد على الموضوعية والبعد عن الإغراق المتكلف في العمل البحثي، أو التقعر والتفلسف الأجوف.
5- يحثك النقد على الجدية في البحث العلمي والالتزام بالقواعد العلمية العامة الثابتة.
منهجية النقد العلمي
تتعدد أوجه النقد العلمي للأعمال البحثية، بحسب المنهج المتبع في البحث، ومن أشهر مناهج النقد في البحث العلمي:-
1- المنهج التاريخي:- وتدرس هذا المنهج المؤثرات التي أثرت في العمل البحثي، ومن المؤثرات في هذا المنهج دراسة البيئة المحيطة، والظروف الاجتماعية والثقافية، والأحداث السابقة ثم المعاصرة والمصاحبة.
2- المنهج الاستدلالي أو المنهج الاستنباطي:- وهذا المنهج يربط العقل بين المقدمات والنتائج، ويربط هذا المنهج بين الأشياء وعللها، ويربط بينها هذا المنهج على أساس المنطق والتأمل الذهني، فهذا المنهج يبدأ بالكليات، ليصل منها إلى الجزئيات.
3- المنهج الاستقرائي:- هذا المنهج يمثل عكس المنهج الاستدلالي، حيث يبدأ هذا المنهج بالجزئيات، ليصل منها إلى قوانين عامة.
4- المنهج التجريبي:- وهذا المنهج يعتمد على التجربة كأساس العمل البحثي، بحيث يكون هذا المنهج بعيداً عن المقدمات المنطقية، أو الظروف التاريخية، أو الاستنباطات العقلية.
شروط النقد العلمي
تنقسم شروط النقد العلمي إلى قسمين:-
أولاً:- شروط عملية النقد:-
1- النقد للفكرة لا للأشخاص.
2- مناقشة موضوع العمل البحثي، وهل العمل البحثي مناسب أو غير مناسب؟ وهل سبق التطرق إليه في أعمال سابقة، وما الإضافة الجديدة في هذا العمل البحثي؟
3- عنوان العمل البحثي، هل هو دال على المراد من العمل البحثي أو دال على معنى أكبر أو قاصر... إلخ، هل هو طويل أو مقتضب؟
4- تسلسل العمل البحثي، هل هو طبيعي أو متكلف؟ وهل المقدمات التي استخدمتها تؤدي إلى النتائج التي توصلت إليها؟
5- توخي الحكم العادل المنصف على العمل البحثي، فالعدل يمثل حقاً فطرياً لكل فرد.
6- مراعاة الظروف والملابسات المصاحبة للعمل البحثي، مثل:- "الزمان والمكان، والأحوال الاجتماعية والسياسية....إلخ.
7- الوضوح في النقد والشفافية، لا الضبابية والإيهام.
ثانياً:- الشروط الواجب توافرها في الناقد:-
1- أن يكون الناقد على دراية بموضوع النقد وليس برؤوس الموضوع.
2- أن يكون الناقد متخصص في موضوع النقد حتى يستطيع أن يدرك ليس فقط محتويات الموضوع ولكن أيضاً فلسفة الموضوع الكبرى والصغرى.
3- أن يكون الناقد على علم بصاحب الموضوع إذا كان فرداً أو جماعة وتاريخ الناقد العلمي وفلسفته العلمية وثقل الناقد العلمي وتواصله المحلي والدولي على مستوى الموضوع.
4- أن يتجرد الناقد من كل هوى سواء كان شخصي أو وظيفي أو مؤسسي، فيجب أن يكون الناقد منزهاً عن كل اعتبار.
5- ألا يتسرع الناقد في الإدلاء بأي نقد بل يجب على الناقد التريث في نقده حتى يحلل عناصر الموضوع جيداً ويتأنى ليعطي لنفسه فرصة للتأكد مما سوف يعلنه من حكم.
6- أن يستخدم الناقد كل الأساليب الممكنة لتجميع المعلومات عن موضوع النقد ليكون على علم بأهمية الموضوع الأدبية أو الاقتصادية أو العلمية.
7- أن يدرك الناقد مدى أهمية نقده للوسط العلمي.
8- أن يكون الناقد مستعداً نفسياً وفكرياً وعلمياً دائماً في التواصل مع صاحب الموضوع للتأكد من تساؤلاته أو تحفظاته حتى يكون حكم الناقد النهائي اكتمل.
9- أن يعتبر الناقد نفسه قدوة ومثل أعلى للآخرين سواء من فئة النقاد أو المجتمع العلمي.
10- أن يذكر الناقد مميزات الموضوع قبل الخوض في نقده حتى يكون منصفاً لجوانب الموضوع وصاحبه
ضوابط النقد العلمي
1- أن يتوافر في النقد الدقة في الحكم، وذلك ببيان الإيجابيات والسلبيات والموازنة بينهما، ثم صدور الحكم المناسب.
2- النقد بالدليل، فرد أقوال الاّخرين ونقدها لا يكون مزاجاً متبعاً، ولا هوى مفتعلاً، بل لا بد من الدليل العلمي، واتباع المعايير النقدية.
3- انتفاء التناقض، وغالب من يزل في هذا، فهو إما لم يتبصر رأي من ينتقده، أو أنه يخوض معركة شخصية.
4- مراعاة قطعية النتائج ونسبيتها، فمن المسائل ما يعد من الاختلاف القابل للاجتهاد، ومنها أصول قطعية وأركان في الدين، الخلاف فيها سالب لأصل الإسلام، فكان لا بد على الناقد أن يدري الفوارق، ويعلم كلام سلف الأمة فيما ينتقد، وأن يكون الناقد على اطلاع بالثوابت والمتغيرات، ومذهب السلف والخلف.
5- إحكام النقد، لدحر الشبهات والضلالات، وهذا من قذف الباطل بالحق حتى يتلجلج، ليبقى الحق بعده أبلج، وقد يوهن الحق لوهن النقد، فيزيد في تعمية الصواب.
آداب النقد العلمي
1- الإخلاص: أن بتوافر في الناقد سلامة النية وحسن القصد، والتمسك بنبل الغاية من النقد وهو الإصلاح والبناء وليس الهدم، فإن الإنسان عليه أن يكون أمره كله لله، وقصده بالعمل وجه الله تعالى.
2- نبذ التعصب ولو كان للحق، وترك ازدراء المخالف ولو كان خاطئاً.
3- الأمانة في الحكم: بذكر ما له وما عليه، وفضائله ومساوئه.
4- التزام الأدب في النقد:- يقول المزني:- سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول: فلان كاذب، فقال لي يا إبراهيم، اكس ألفاظك أحسنها، ولا تقل: كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء.
5- تجنب نهج التحدي: فالناقد يقتضيه الإخلاص إلى بيان الحق بالحسنى، قبله من قبله، ورفضه من رفضه.
فيديو: نقد العلمي شروطه،اصوله وضوابطه اخلاقیاته
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي