اطلب الخدمة
كيفية صياغة الفروض في البحث التاريخي
تحتل خطوة صياغة الفروض أهمية كبيرة في البحث التاريخي أسوة بمناهج البحث الأخرى، ويجد بعض الباحثين أن هذه الخطوة تأتي تحديدًا بعد تحديد المشكلة، حيث يفترض الباحث العلمي فروضًا لحل المشكلة ثم يجمع المعلومات على ضوء تلك الفروض المفروضة لإثبات صحتها أو خطأها. وتساعد الفروض الباحث على ترتيب معلوماته في نسق منطقي، إذ بدون الفروض تصبح عملية جمع المعلومات عديمة الفائدة، حيث يتخبط الباحث العلمي في التحليل واستقراء الأحداث المستقبلية.
وهذه الخطوة ليست عملية سهلة، إذ تحتاج إلى صياغة محكمة تتخللها تحليلات نافذة واختبارات لصحتها أو عدم صحتها. ويعاني الباحث في البحث التاريخي أكثر من غيره في التحقق من أسباب الحادثة او الواقعة التاريخية، حيث لا سبب واحد، فهو يتحدث عن أهم الأسباب فهناك الكثير من الظروف المحيطة بالحدث أو تلك التي تسبقه، أو تلازمه تلعب دورها في الفاعل في تحديد أسبابه. وبعض تلك الظروف يصعب تحديدها، وبعضها لا يمكن قياسه، وبعضها أهمل ذكره عند ذكر الحادثة.
وكل هذا يجعل عملية فرض الفروض ليست سهلة، وتتطلب معرفة تاريخية وافرة بحيث تكون صياغة الفروض قابلة للاختبار، ومنسجمة مع المنطق، وقادرة على اكتشاف العلاقات الفاعلة في الظاهرة التاريخية، وتقود إلى تنظيم المعلومات وتجميعها والمعرفة التاريخية معرفة جزئية، ولكن هذا لا يمنع استخدام الطرائق العلمية واتخاذ كل ما يلزم لتكون موضوعية.
وما دامت الظاهرة التاريخية مختلفة عن الظاهرة الطبيعية فإننا لا نستطيع أن الباحث التاريخي بقوانين تشبه القوانين الطبيعية؛ لأن أسباب الظاهرة التاريخية أكثر تعقيدًا وأكثر عددًا وهذا ينعكس على فروض الباحث التاريخي التي نجدها أكثر غموضًا من فروض الباحث الطبيعي، وينعكس هذا على تعميمات الباحث التاريخي التي لا تكون بدقة وموضوعية الباحث الطبيعي.
على العموم، فإن جميع باحثي المنهج التاريخي بعد أن يفحصوا مادتهم العلمية يقومون ب:
- صياغة وتحديد فرض أو فروض عن طبيعة الحدث الماضي.
- ذكر الافتراضات التي يقوم عليها تركيب المشكلة البحثية.
وبهذا يكون القارئ على علم بوجهات نظر هؤلاء الباحثين وخلفياتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر على عملية انتقاء المادة العلمية.