اطلب الخدمة
ضوابط اختيار مشكلة البحث العلمي
إن الأنشطة التي يقوم الإنسان بممارستها في حياته العملية أو يصادفها في البيئة المحيطة به مع مجمل الخبرات التي يمر بها تمثل مصادر معقولة لعدة مشكلات تستحق أن تكون موضوع للبحث. وعلى ضوء ما سبق يمكن تعريف مشكلة البحث بأنها عبارة عن أحد المواقف الغامضة التي تثير اهتمام وقلق الباحث والتي لا يجد لها تفسيرا محددا وبالتالي تستدعي الباحث بالقيام ببحث عن مصادر لمشكلة البحث التي تتمثل في عدة مصادر، منها القراءات والدراسات فالقراءة الناقدة للمسلمات والقواعد الموجودة في الكتب والمراجع، تكون مرجعا خصبا لمشكلة البحث، وأيضا تلعب الخبرة العلمية دورا كبير في تحديد مشكلة البحث فالباحث يواجه العديد من المواقف الغامضة، التي لا يجد لها تفسير وبالتالي فإن خبرته العلمية قد تنتج له تحديدا جيدا لمشكلة البحث.
مما سبق نجد أن مشكلة البحث يتوصل لها الباحث بطريقة أو بأخرى، لكن هناك معايير معينة لاختيار مشكلة البحث يتعين على الباحث الالتزام بها حتى يتوصل لمشكلة بحث تبحر به إلى حل لمشكلته واستنتاج فرضيات صحيحة وتقديم حلول للمشكلة بطريقة علمية، ونجد من هذه المعاير تنقسم إلى قسمين منها معايير ذاتية تخص الباحث، تلك التي تتعلق بالمعايير الشخصية للباحث وخبرته وميوله، ومن تلك المعايير توفر المعلومات من المراجع والمصادر وإن توفرها تسهل عملية البحث ودراسة الباحث، وأيضا اهتمام الباحث فميول الباحث لمشكلة بحث معينة يستطيع بذل مجهود أكبر في تقديم حلول لمشكلة البحث.
وأيضا تلعب الامكانيات المادية دورا مهما وجوهريا فتشمل الأمور المالية للبحث والوقت اللازم للإنجاز، وتتطلب أيضا المساعدة الإدارية للباحث وتعاونهم معه، وأيضا قدرة الباحث الفنية والمهارات اللازمة للبحث، ويتمثل المعيار الآخر في المعايير الاجتماعية والعلمية، وهي التي تتعلق بمدى أهمية مشكلة البحث ومن أبرز تلك المعايير مدى الفائدة العلمية للبحث فالجانب التطبيقي للبحث هو أمر جداً مهم، فالباحث هدفه الوصول إلى معارف وأساليب عملية تساعد على تحسين جانب من الجوانب التي تتعلق بمشكلة البحث.
تعتمد تلك المعايير على مدى مساهمة البحث في تقديم المعرفة، أي اضافة أشياء جديدة للمعرفة الإنسانية وعدم البحث في مواضيع تمت دراستها سابقا، وفي ظل ما سبق نجد أنه يجب أن يكون للبحث العلمي أهمية وقيمة علمية كبيرة وذلك من خلال تعميم نتائج الدراسة، فكلما اشتمل البحث العلمي على قطاع كبير من المواقف والأشخاص كان بالإمكان تعميم أكبر قدر من نتائج البحث وأهدافه وحلول مشكلة البحث، وأخيرا يجب على الباحث عند تقديم مشكلة البحث أن يساهم بقدر كبير في تنمية بحوث أخرى، فيجب أن تكون الإثارة مستمرة ومولدة لبحوث جديدة.
كافة المعلومات الموجودة في البحث تستند على عملية تحديد مشكلة البحث وصياغاتها. فأي معلومة ستكتتب في البحث لابد وأن تتحدث عن المشكلة. ولهذا تعتبر عملية تحديد مشكلة البحث وصياغتها من الدعائم الأساسية لكافة مضمون البحث. وكذلك فإن تحديد مشكلة البحث وصياغاتها يتم وفقاً لرؤية علمية. فتحديد المشكلة يأتي أولاً ثم تأتي باقي العمليات الخاصة بالبحث. ولعل مفهوم المشكلة يتطلب منا الوقوف عليه وتفسيره قبل الدخول في طريقة تحديد مشكلة البحث ومن ثم صياغتها. ولهذا نضع مادة مترابطة من بدايتها لنهايتها تنبني فقراتها على الفهم لا على السرد. تابع القراءة فقرة تلو الفقرة لتفهم المقصد الكامل.
بداية الطريقة وطرف الخيط، هذا هو الوصف اللائق بمشكلة البحث. إذ أن تحديدها يعتبر البداية الموصلة لكافة الاجراءات الأخرى. وعندما نقول مشكلة بشكل مجرد فإن ذلك يوحي بوجود شيء بحاجة إلى حل، وهذا المفهوم ينطبق على المشكلة البحثية. ويمكن القول بأن مشكلة البحث هي عبارة عن الظاهرة أو السلوك أو الأحداث التي يتناولها الباحث بشكل أساسي وتدور حولها كافة فرضيات ومتغيرات البحث. وكذلك يمكن وضع تعريف آخر للمشكلة بأنها الموضوع الرئيسي الذي يتناوله الباحث ويقوم بجمع المعلومات حول أطرافه المترابطة في سياق البحث للوصول إلى النتائج والحلول. ونضع بعض من النقاط التي تزيد من فهم مشكلة البحث:
- لاحظ أننا ربطنا المشكلة بكل من الفرضيات والمتغيرات، وذلك لأن الفرضيات والمتغيرات يتم اشتقاقهما من المشكلة، ويدور أغلب مضمون البحث حول الفرضيات والمتغيرات.
- المشكلة ليست مقتصرة على نوع محدد من الشعور، بل لربما تكون ظاهرة أو سلوك أو حدث أو تجربة أو غيرها، ولكن تتفق في أنها بحاجة إلى الوصول إلى نتائج وحلول.
- عملية تحديد المشكلة وصياغتها تكون وفقاً لمعرفة الباحث بالمشكلة وجوانبها، فلا يمكن تعريف المشكلة دون التطرق إلى جوانبها، على سبيل المثال لا يمكن القول بأن المشكلة هي (ضعف التحصيل الدراسي) دون تحديد الجوانب المرتبطة مثل (الضعف التحصيل الدراسي لطلاب الصف السادس الابتدائي على الصفوف الافتراضية).
الشعور هو المحدد الأساسي لتحديد مشكلة البحث وصياغتها. والشعور هنا يُقصد به الإحساس الداخلي الفكري معاً. على سبيل المثال أراد الباحث أن يحدد المشكلة فلابد أن يفتش في المجتمع ويشعر وليكن أن الباحث أراد الكتابة عن مشكلة اجتماعية. فلابد أن ينزل للمجتمع ويستشعر السلوكيات ولنفرض أنه شاهد ظاهرة العشوائية في بناء المنازل. فهنا يتناول هذه المشكلة ويربطها بمحدداتها الأخرى مثل (أثر البناء العشوائي على العلاقات الاجتماعية بين سكان منطقة كذا). وليكون الطرح أكثر تفصيلاً نضع خطوات متسلسلة لعملية تحديد المشكلة وصياغتها كما يلي:
- أولاً: لابد من تحديد المجال الدراسي تحديداً دقيقاً، لأن عملية تحديد المشكلة وصياغتها ستكون تبعاً لهذا المجال. وهنا لابد من تحديد تخصص التخصص. على سبيل المثال كان البحث في مجال التربية فلابد من تحديد التخصص ضمن تخصص التربية مثل (تربية الطفل، تربية المراهقين، تربية ذوي الاحتياجات الخاصة).
- ثانياً: بعد تحديد تخصص التخصص يأتي دور الشعور من خلال العديد من المحددات مثل المشاهدة وغيرها، سنتطرق لها بالتفصيل في فقرة قادمة.
- ثالثاً: لا تكتفي عند تحديد المشكلة فقط بل حدد الجوانب المتربطة بالمشكلة أيضا. فتحديد المشكلة وصياغتها يشمل المشكلة الرئيسية وما يتعلق بها من جوانب أخرى.
- رابعاً: لابد أن يتم عرض المشكلة على المنطق من حيث إمكانية الدراسة، وهذا يشمل تحديد طبيعة مصادر المعلومات وما إذا كان من الممكن الحصول على المعلومات بشكل آمن.
- خامساً، بعد إتمام تحديد المشكلة بشكل دقيق يتم صياغة هذه المشكلة في مقترح البحث وتقديمه للجنة الاشراف. وتتم هذه الصياغة من خلال كتابة المشكلة كعنوان ومن ثم كتابة شرح لا يزيد عن 300 كلمة. وكذلك بنفس الطريقة يتم صياغة المشكلة في خطة البحث. ولكن هنا يكون الحد الأقصى لعدد كلمات الوصف 150 كلمة فقط. وبعد ذلك يكون الإطار النظري المسرح الواسع لعرض المشكلة وعرض المعلومات عنها.
هناك العديد من الامور التي يجب على الباحث الاهتمام لها عند كتابة مشكلة البحث. حيث تساهم هذه الأمور في توضيح المشكلة وإظهارها بطريقة علمية صحيحة وواضحة وتساعد القارئ على فهم طبيعة المشكلة جوانبها مختلفة.
من أهم متطلبات وضوابط اختيار وكتابة مشكلة البحث:
- اختيار المشكلة المناسبة:
يجب على الباحث عن يهتم في اختياره لمشكلة البحث بعناية. حتى يكتب البحث العلمي بشكل واضح ومفهوم، لأنه اختيار المشكلة الصحيحة المراد كتابته له تأثير واضح على نجاح الباحث في كتابة بحثه.
- واقع المشكلة:
عند اختيار الباحث لكتابة عن مشكلة ما، يجب ان تكون المشكلة واقعية حتى يكتب عنها. ويفضل ان يكون الباحث يعيش في واقع هذه المشكلة أو بين الناس الواقعين في هذي المشكلة.
- أهمية مشكلة البحث:
إن الوعي الكبير لدى الباحث بتخصصه هو العامل الأساسي في اختيار المشكلة بعناية. المساهمة في كتابة بحث علمي مهم
- علاقة اختيار المشكلة بتخصص الباحث:
يجب أن يعتمد الاختيار على القدرات الأكاديمية عند الكتابة. ويجب ان يمتلك الباحث على معلومات ومعرفة شاملة في موضوع المشكلة. حتى يقوم الباحث بالتغلب على العقبات التي تواجهه أثناء الكتابة.
- عندما يهتم الباحث ويركز في مشكلة ما، فهذا يعطي الحافز للباحث على الاطلاع لنتائج كثيرة لحل هذه المشكلة وإتمام الكتابة عنها.
- الأهمية العلمية لمشكلة البحث:
تشكل هذه الأهمية عنصراً مهماً في نجاح البحث لما لها من تأثير على انتشاره في العديد من الدوائر ذات الصلة مثل الدوائر العلمية والاجتماعية والثقافية، والأهمية الخاصة للمشكلة هي عامل يساهم في نجاح وانتشار البحث.
تحدثنا على أن المشكلة هي شعور ومن ثم تحديد وصياغة، والسؤال هنا من أين يؤخذ هذا الشعور، فهناك العديد من المواطن التي يمكن من خلالها الشعور بالمشكلات والقيام بعملية تحديد مشكلة البحث وصياغتها من خلال هذه المواطن، واللافت للانتباه أن هذه المواطن أغلبها عفوية غير مخطط لها.
وفي سياق النقاط التالية تتضح هذه المواطن أكثر:
- أولاً: الظواهر:
وهي عبارة عن المحددات التي لها خصائص معينة، يقوم الباحث بمشاهدة هذه الظواهر والشعور بها، وتعتبر الظواهر من أكثر المحددات استجلاباً لتحديد مشكلة الدراسة وصياغتها، على سبيل المثال شاهد الباحث ظاهرة التلوث الضوضائي في إحدى المجتمعات وتناولها بربطها بأسبابها وآثارها... وهكذا.
- ثانياً: السلوكيات الانسانية:
الناس يبدون سلوكيات مختلفة بعضهم عن بعض، وهذه السلوكيات تكون المحرك الأساسي للعلاقات بين الناس وما يترتب عليها من نتائج وتوافق واختلاف، وبهذا تكون السلوكيات من المواطن الهامة لتحديد هذه المشكلة وصياغتها، على سبيل المثال دراسة السلوك العدواني لدى الأطفال دون سن العاشرة في أماكن الصراعات.
- ثالثاً: التجارب والاختبارات:
قد يخضع مجموعة من الأفراد إلى ظروف تجريبية أو اختبارية محددة. وهنا يأخذ الباحث المشكلة ويقوم بدراستها تحت إطار نتائج التجربة أو الاختبار. على سبيل المثال مشكلة ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلبة الذين يتم نقلهم من مدارسهم بشكل مفاجئ.
- رابعاً: الأحداث التاريخية:
يعتبر التاريخ وما يحتويه من وقائع وأحداث مادة دسمة لاقتباس المشكل منها. فدراسة التاريخ تعتبر بحد ذاتها حل لكثير من المشكلات المعاصرة والمستقبلية.
- خامساً: معايير المفاضلة:
وهي عبارة عن معايير تعبر عن وجود الجودة، وهي تكثر في الدراسات الاقتصادية وكذلك الدراسات المتعلقة بالتنمية البشرية. على سبيل المثال المقارنة بين مجتمع من الدرجة الثالثة بمجتمع من الدرجة الأولى من ناحية التقدم التكنولوجي.
لطلب المساعدة في إعداد رسائل ماجستير ودكتوراه يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي